الاثنين، 23 يناير 2012

الحكم النهائي في قضية نجيب محفوظ نهاية الشهر الجاريالسبت 04 مارس 2006

الحكم النهائي في قضية نجيب محفوظ نهاية الشهر الجاريالسبت 04 مارس 2006
أخيرا استطاع محامو الروائي نجيب محفوظ حجز حكم الدعوي المرفوعة ضده إلي نهاية الشهر الجاري، والتي اتهم فيها أمير السحار صاحب مكتبة مصر والناشر السابق لأعمال نجيب محفوظ بالإخلال بالعقد المبرم بينهما منذ سنة 1983، بعدما اضطر نجيب محفوظ للتعاقد مع دار الشروق حتى يتمكن من الحصول علي حقوقه.
وكانت محكمة القاهرة الابتدائية قد شهدت تفاصيل الجلسة التي عقدت صباح أول أمس.. حيث تقدم إيهاب فاروق حسني محامي اتحاد الكتاب بمذكرة لهيئة المستشارين يطالب فيها برفض الدعوي المقدمة من مكتبة مصر لعدم توافر شروط التعويض وكذلك لرفعها 'من غير ذي صفة' باعتبار أن المتضرر [مكتبة مصر] لا يحق له المطالبة بفسخ العقد. أما مذكرة محامي نجيب محفوظ د. أحمد عوضين فقد ركزت علي بطلان العقد المبرم بسبب عدم تحديده مدة التعاقد، وهو ما يخالف نص القانون الجديد لحقوق المؤلف، كما تقدم محامي مكتبة مصر بمذكرة أخري رفض فيها اشتراك اتحاد الكتاب في الدفاع عن نجيب محفوظ مضيفا: لا ندري سببا لتدخل الاتحاد إلا علي سبيل الشهرة الإعلامية!..

الخميس، 19 يناير 2012

هل تحقق الثورات العربية الحلم الصهيوني ؟

كنت قد كتبت في مقال سابق عن دور العقل في الإسلام، وأن رسالة الإسلام إنما جاءت مخاطبة للعقل، ومحرضة له لكي يعمل وينتج ويستخلص الحقائق... وهو عكس المفهوم الذي جاءت به الصهيونية العالمية بدعوى تدميرية تهدف إلى إلغاء العقل واستبداله بما اطلقـــوا عليه الفوضى ( التدمير ) الخلاقة... وهي مسألة في غاية الخطورة، خاصة لمن لم يقرا التاريخ من أولئك البسطاء الذين لم يعرفوا أن اليهـــود حين عظمت الأحداث فيهم فعصوا الله وقتلوا الأنبياء؛ أراد المولى أن ينتقم منهم، فأرسل إليهم من أرضِ بابل – من قبل بهمن ملك الفرس - ملكاً يُقـال له بخت نصر( من عبدة النيران أنذاك ) كان حفيف راياته كطيران النسور، وحمل فرسانه كسرب العقبان، يعيدون العمران خراباً، والقرى وحشاً، ويعيثون في الأرض فساداً، ويتبرون ما علوا تتبيراً، يجولون في الأسواق بأصواتٍ مثل زئير الأسدِ، فجاسوا خلال الديار. حكم بخت نصر في اليهود حكم الجاهلية وبطش الجبارين، فقتل منهم الثلث، وسَبَى الثلث، وهدم بيت المقدس، وقتل بنى إسرائيل حتى أفناهم، ثم عاد إلى بلاده بأموالهم والسبايا...
وهذا تاريخ لم يغفله اليهود قط، وإنما ظلوا يحملونه ليومٍ يُرد فيه الثأر على من قهرهم ودمرّهم وكان سبباً في شتاتهم...
من هنا أتت حرب الخليج التي أودت في النهاية بتحقيق الثأر لليهودية (والصهيونية) التي تهدف في ظاهرها إلى إسقاط نظم الاستبداد وإحلالها بنظم الديموقراطية؛ متخذة من القضاء على الإرهاب شعاراً لها، وفي الباطن هي خطوة كُبرى في طريق تحقيق شرق أوسط جديد، بعد تفكيك كل مقوماته وروابطة... ومن ذلك تفتيت العراق بين سنة وشيعة وأكراد...
إذ يقوم الحلم الصهيوني على فكرة التفتيت؛ أي تفتيت الدول العربية إلى عدة كانتونات ودويلات تتصارع وتتناحر مذهبياً وعقائدياً، فثمة مخطط وضعه برنارد لويس لتفتيت العالم الاسلامى وتفكيكه؛ ذلك المفكر الصهيوني الذي قال في مقابلة له اجرتها معه إحدى وكالات الاعلام في 20/5/2005: ( إن العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون لا يمكن تحضيرهم واذا تركوا لأنفسهم فسوف يفاجئون العالم المتحضر بموجات بشرية ارهابية تدمر الحضارات وتقوض المجتمعات، ولذلك فان الحل السليم للتعامل معهم هو اعادة احتلالهم واستعمارهم وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية، وفي حال قيام أمريكا بهذا الدور؛ فان عليها أن تستفيد من التجربة البريطانية والفرنسية في استعمار المنطقة لتجنب الاخطاء والمواقف السلبية التي اقترفتها الدولتان, إنه من الضروري إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلي وحدات عشائرية وطائفية ولا داعي لمراعاة خواطرهم أو التأثر بانفعالاتهم وردود الأفعال عندهم، ويجب أن يكون شعار أمريكا في ذلك ” إما أن نضعهم تحت سيادتنا أو ندعهم ليدمروا حضارتنا “، ولا مانع عند إعادة احتلالهم من ان تكون مهمتنا المعلنة هي تدريب شعوب المنطقة علي الحياة الديمقراطية, وخلال هذا الاستعمار الجديد لا مانع أن تقدم أمريكا بالضغط علي قيادتهم الاسلامية - دون مجاملة ولا لين ولا هوادة - ليخلصوا شعوبهم من المعتقدات الاسلامية الفاسدة, ولذلك يجب تضييق الخناق علي هذه الشعوب ومحاصرتها واستثمار التناقضات العرقية والعصبيات القبلية والطائفية فيها قبل ان تغزوا أمريكا وأوربا لتدمر الحضارة فيها) .
يجيء لفظ فوضوي كترجمة لكلمة an-archie أناركيا؛ و هي تعني اللاسلطة او ضد السلطة؛ فالفوضوية نظرية سياسية تدعو لإبطال دور العقل وتعطيل النظام بسبب غياب السلطة المنظمة، كما تري أن الدولة هي العدو الاكبر للفرد ومن هنا ضرورة العمل علي ازالتها، لضمان قيام الحريات المطلقة دون دون قيدْ أو رادع ودون شرطة او وسائل قمع وردع، فالقانون الاجتماعي يتحقق من تلقاء نفسه بدون رقابة ولا قيادة انما بتلقائية مطلقة.
ذلك المشروع الذي اعتمدته الولايات المتحدة لسياستها المستقبلية، فهل تفاجأت أمريكا بالثورات العربية ؟ ... سؤال يحتاج إلى إجابة عميقة ...
لا شكّ أن إجابة مثل هذا السؤال نجدها لدي الملايين من الفقراء والبائسين والمقهورين...
الخطورة تكمن في هؤلاء الذين ينتمون إلى عوالمنا - بعضهم قد لبس لباس الثورة وصار يتشدّق بالعبارات الجارية على لسان الثوار بصفته أحد زعماء الثورة - ويحملون راياتنا، وهم يضمرون حقداً على شعوبهم، يبذلون طاقاتهم لخدمة الغرب والصهيونية حفاظاً على عروشهم المترنحة ومكاسبهم الرخيصة...
ولكن ما من شكٍ في وجوب الحذر واليقظة فثمة مخطط أمريكي على وشك التنفيذ وكأن مسلسل العراق ما زال حاضراً أمام أعيننا...
لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن..
والرياح هنا هي الثورات العربية التي اندلعت متتابعة كحبات المسبحة المنفرطة، لتقضي على أنظمة متعفنة، أنظمة ماتت وتعفنت منذ عشرات السنين، حتى كادت رائحتها أن تصيب الأرواح الذكية بالرغبة في التقيؤ كلما لفحتها بريحها النتن...
لقد استطاعت تلك الأنظمة بكل ما لديها من حيلْ شيطانية أن تقضي عمّا بقى من رمقِ الحياة في قلوب الملايين من الأبرياء، لدرجة ماتت معها القلوب والضمائر، وصار بها الإنسان مجرد آلة تعيش لتعمل بلا روح ولا عقل ولا منطق...
لقد أصبحت الشعوب في ظلِّ هذه الأنظمة تتسم باللامبالاة والصمت والخنوع... فما بالك بشعب تلك هي خصائصه؟!... هو شعب ميت على قيد الحياة بلا شك...
لم يكن ثمة طريق إذن للخلاص غير الثورة !...
الثورة التي أشعل لهيبها فئةُُ ممن بقى فيهم مضغةً حيّةً من ضمير وأمل في الحياة، فئةُُ لفظت كل أوجه التعفن؛ فمازالت تشعر وتفكر وتسعى للحصول على أبسط ما لها من حقٍ في تنفس هواءً نقياً... والتي من أهمِّ مكاسبها القضاء على حالة الخوف التي سيطرت على مشاعر الشعوب لسنواتٍ طويلةٍ من جراء السياسات المتبعى من قبل الأنظمة الحاكمة من ظلم واستبداد وقهر وترويج للصهيونية الكاذبة الخادعة التي تقوم على أساليب الدعاية وهي في الأصل خواء!!! ...
وإني لأزعم أن هذه الثورات لهي أحد أهم البراهين على قربِ سقوط الكيان الصهيوني الفاسد؛ الذي حَمَلَ أساليب ووسائل الفساد عبر ممرات التاريخ الطويلة حتى وصل به إلى قمَّتهِ بإتيان كل ما أتت بجزءٍ منه أقوامُُ سابقة أبيدت كلها بما أتته، فما بالنا بقومٍ واحدٍ " كالكيان الصهيوني " الذي جاء بكل هذه الخطايا التي من شأنها أن تثير غضب الخالق عزَّ وجلّ، إن الإبادة لهي أقل ما يمكن أن ينالوه من غضبٍ، لكن وجودهم ذا صلة باستمرار عجلة التاريخ إلى أجلٍ مُسمَّى، وهذا ما أخبرنا به المولى في القرآن الكريم، وحَسبي أن ذلك الأجل يقترب أكثر فأكثر، بل بات وشيكاً...
ولن تجدي كلّ الحيل المستباحة من قبل الصهيونية لتدمير مصر والشرق، مثل محاولة تقسيم الشعب المصري والإيقاع بين الشعب والجيش، وتفتيت الشعوب إلى فئات متناحرة، والمدن إلة كانتونات متفتتة..
كل ذلك لن يجدي في رأيي، ولو اطلعت الصهيونية على حركة التاريخ، لعرفت أن مصر ذات كيانٍ شديد التماسك، ولا يمكن أبداً تفتيته...
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا من أهلها جندا كثيفا فإن بها خير أجناد الأرض ـ فقيل ولم يا رسول الله قال: لانهم وأهليهم فى رباط إلي يوم القيامة )...
يقول القس منسي يوحنا في كتابه تاريخ الكنيسة القبطية [28] (ص 306): وكان جيش العرب في فاتحة هذا القرن، حاملاً لواء الظفر في كل مكان، وظل يخترق الهضاب والبطاح، ويجوب الفيافي والبلاد، حتى وصل إلى حدود مصر تحت قيادة عمرو بن العاص، فدخل مدينة العريش وذلك سنة 639، ومنها وصل إلى بلبيس وفتحها بعد قتال طال أمده نحو شهر، ولما استولى عليها وجد بها (أرمانوسة) بنت المقوقس فلم يمسها بأذى، ولم يتعرض لها بشرِّ، بل أرسلها إلى أبيها في مدينة منف، مكرمة الجانب، معززة الخاطر، فَعَدَّ المقوقس هذه الفعلة جميلاً ومكرمة من عمرو وحسبها حسنة له." - ثم يستطرد منسي قائلاً في (ص 307)- "فجمع المقوقس رجال حكومته، وذهب للتفاوض مع رسل من قِبَل عمرو، فبدأ وفد الروم بالتهديد والوعيد للمسلمين، بقتلهم وإفنائهم وأنه لا بديل أمام المسلمين غير الموت أو الرحيل، فلما بدأ وفد المسلمين، فلم يفعل كوفد أهل الصليب إنما طرح أمامهم ثلاثة بدائل: أولها الإسلام وثانيها الاستسلام مع دفع الجزية لقاء قيام المسلمين بتسيير أمور البلاد، ثم كان الخيار الثالث والأخير وهو الحرب والقتال الذي طرحة جيش الصليبيين الروم المحتلين لمصر كاختيار لا بديل. فاتفق رأيهم على إيثار الاستسلام والجزية، واجتمع عمرو والمقوقس وتقرر الصلح بينهما بوثيقة مفادها: أن يُعطَي الأمان للأقباط، ولمن أراد البقاء بمصر من الروم، على أنفسهم، وأموالهم، وكنائسهم، وفي نظير ذلك يدفع كل قبطي "دينارين" ماعدا: الشيخ، والولد البالغ 13 سنة، والمرأة". - ثم يستطرد منسي قائلاً - "وذكر المؤرخون أنه بعد استتباب السلطان للعرب في مصر، وبينما كان الفاتح العربي يشتغل في تدبير مصالحه بالإسكندرية، سمع رهبان وادي النطرون وبرية شيهات، أن أمة جديدة ملكت البلاد، فسار منهم إلى عمرو سبعون آلفاً حفاة الأقدام، بثياب ممزقة، يحمل كل واحد منهم عكاز... تقدموا إليه، وطلبوا منه أن يمنحهم حريتهم الدينية، ويأمر برجوع بطريركهم من منفاه، أجاب عمرو طلبهم، وأظهر ميله نحوهم فازداد هؤلاء ثقة به ومالوا إليه". - ويقول القس منسي - (خصوصاً لما رأوه يفتح لهم الصدور، ويبيح لهم إقامة الكنائس والمعابد، في وسط (منطقة) الفسطاط التي جعلها عاصمة الديار المصرية ومركز الإمارة، على حين أنه لم يكن للمسلمين معبد، فكانوا يصلون ويخطبون في الخلاء). - ويستطرد منسي قائلاً في(ص209)- "أنه قَرَّب إليه الأقباط، وردّ إليهم جميع كنائسهم التي اغتصبها الرومان".[
ذلك هو الإسلام الذي تسعي الصهيونية إلى تشويهه بغية إحداث الفتن في مصر بين المسيحيين والمسلمين من ناحية، والايقاع بين طوائف وفئات الشعب من ناحية أخري، والأيقاع بين الشعب والجيش من ناحية أخيرة..!...
لكنهم أغفلوا – أو تعمدوا ذلك – بشارة رسولنا الكريم " الذي لا ينطق عن الهوى " بأن الشعب المصري سيظل في رباطٍ إلى يومِ الدين...
يقول كعب الأحبار: لولا رغبتي في الشام لسكنت مصر؛ فقيل: ولم ذلك يا أبا إسحاق؟ قال: إني لأحب مصر وأهلها؛ لأنها بلدة معافاة من الفتن، وأهلها أهل عافية، فهم بذلك يعافون، ومن أرادها بسوء كبه الله على وجهه، وهو بلد مبارك لأهله فيه.
يقول المولى عزّ وجلّ {ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين} (يوسف :99)
ومن أشكال ذلك الرباط تلك اللجان الشعبية التي تشكلت – من جميع فئات الشعب – حينما انسحبت قوات الأمن فجأة يوم الثامن والعشرين من يناير عام أحد عشر بعد الألفين لإحداث فجوة أمنية، فقامت اللجان الشعبية بتوفير الحماية الأمنية، وخلق مناخ أمني لم يتأتى لأي دولة أخرى...
تلك هي ثقافة الترابط التلقائية لدي الشعب المصري، تلك الثقافة التي لا تظهر بجلاء إلا في أوقات الشدّة والأزمات..
من أجل ذلك ستظل مصر باقية شامخة...
لذلك فإني أدعو إلى العمل على تكوين لجان شعبية رسمية ( من كافة فئات ومعتقدات الشعب بما فيها الكنيسة ) تعمل بصورة منظمة لحماية الوحدة الوطنية أولاً، ولحماية ممتلكات الدولة وكذلك لإحباط مخططات الغرب، بحيث يترأس هذه اللجات مجلس قومي من سبعٍ وعشرين عضواً بعدد محافظات مصر ( من كل محافظة عضو منتخب ) وليحل هذا المجلس محل مجلس الشورى ويكون دوره في إطار قيادة عمل اللجان الشعبية في شتي مجالات الحياة ( كدور مساعد للأداء الحكومي ) خاصة وقت الشدائد والأزمات، وليكون ذلك هو الرد الصريح على كل من يحاول أن يفتت رباط المصريين أو النيل من أمنها.
***

الثلاثاء، 10 يناير 2012

الروائي إيهاب حسني: مسلسل "خاتم سليمان" مأخوذ عن "وفاء بلا ثمن" من إبداعي

الروائي إيهاب حسني: مسلسل "خاتم سليمان" مأخوذ عن "وفاء بلا ثمن" من إبداعي
أكد القاص والروائي إيهاب فاروق حسني  لا علاقة له بالوزير السابق فاروق حسني!!  أن مسلسل "خاتم سليمان" الذي عرض مؤخراً علي قناة CBC مأخوذ عن عمل له كتبه بعنوان "وفاء بلا ثمن" وقام بتسجيله عام 2004 بإدارة حقوق المؤلف بوزارة الثقافة.
قال إيهاب إن المسلسل الذي أذيع ظهر في النصف الأول منه وقد كتب في التتر "معالجة درامية وسيناريو وحوار محمد الحناوي".. أما النصف الثاني فقد تغير هذا التعبير ليتحول إلي "تأليف".. ومع متابعتي الدقيقة للمسلسل فوجئت بتشابه الحلقات الأولي منه مع حلقات مسلسل من تأليفي بعنوان "وفاء بلا ثمن" كنت قد قدمته لمدينة الإنتاج الإعلامي عام 2006. كما قدمته لاحد المخرجين باسم آخر هو "حياة آدم".
ومع متابعتي للمسلسل المعروض وجدته قد انتحل فكرة مسلسلي التي تدور حول طبيب وجراح شهير عالمياً متزوج من طبية ذات حسب ونسب. ويملكان مستشفي شهير. لكن العلاقة بينهما تتأزم بسبب حادثة داخل غرفة العمليات. فيتغير علي إثرها مصير الطبيب الشهير. ويتهم في جريمة قتل. لكن أبحاثه المتفردة عالمياً تنقذه  وتحدث ضغوط سياسية عالمية من أجله. ثم يحدث الانفصال بينه وبين زوجته.. وهذه هي التيمة نفسها التي أخذها مسلسل "خاتم سليمان" وبالشخوص نفسها تقريباً. وخاصة الشخوص الرئيسية. مع محاولة إدخال تعديلات طفيفة عليها.
من ناحية أخري بدأ إيهاب في اتخاذ بعض الإجراءات القانونية ضد الشركة المنتجة. وتوجه بشكوي إلي اتحاد الكتاب ليتضامن معه في هذه القضية.

الأربعاء، 21 ديسمبر 2011

ذكريات وادي الجن

  -1-
.. والليلة..
بلا تاريخ.. بلا موعد
خرجوا..
من قلبِ غيامات السحرِ الأسود
أشباه للبشر
بعيون تقذف ناراً
وأيادٍ بلا قلب
-2-
أفئ من غفوتي بالسقمِ
الرأس مترنح فوق الجسدِ
تسري الرهبة على مهلٍ
في عروقي المهترئة
كنحاسٍ سائل على موقدهِ
وكأن الموت يحاصرني
تقبضني أياديهم
تنزعني من رحمِ السكنِ
وأنا مشدوهُُ
أبحث حولي عن سمّ شعاعٍ
ينير لي لحدي
-3-
من خلف الظلمةِ..
أسمع صوتاً واهنْ... آت
عبر الجدران
ظمآن
أهمس بلا صوت
لم يأت الموت بعد
أقرأ بحروفٍ حُفِرت في الأرض
العيش بلا نبض
أدرك ما كان...
الموت غياب خلف الصمت
-4-
أكتب بحروف من دمْ
إثم الحقد..
يقتل فيك الطهر
ويحيل العمر شوكاً
ينخر فيك العظم
-5-
أسمع خلف الجدران
صرخات
تحملها ريح عاتية
تقصف باب القبو
تطيح بنورِ الفجر المتسلل
أصرخ معها من يمِّ الصدر المعتل
لكن بلا صوت
وكأن الصمت
أنشودة للموت المقبل طوفاناً
يقبض أنفاس الحلم
-6-
فأغني...
أغنية رددها الوهنُ
من فرط الوجع
صرت أعزف نفس اللحن
وأغني بغياب الشمس
وغناء البجع الرابض فيْ
يجتر الألم المكبوت
فيصيح..
يستصرخني... فأصرخ
فيطوف الصوت
بين جبالٍ تصطك برأسِ السحب
تحوي ذئاباً
في الوادي تعوي
يرتطم الصوت بجباهٍ من سدٍ
ويرتد..
يتخبط بين الجدران
كصياحِ المردةِ
حين يمسسها الرد
وعصف الجان
يتضاءل فيَّ النبض..

-7-
أهرب من سجنٍ إلى سدْ
من ليلٍ بلا فجر...
إلى لحدْ
يصير الحلم الأخضرِ مسخاً في القلب
لا يبقى منه إلاّ فتيلة ضوء
ويمسى هوس الجان
بلا حدْ
-8-
ورياح الوادي لا ترحم
تهوي من عصف الغيم
إلى اليم
أدرك أن الأرض قد حنّت
وتنادي...
والآتي...
لا زال في رحمِ الغيب
نبتة لم تورق بعد
فكرة...
تصرع في الغدّ
جنياً
فلا يولد للأرض
أشباه للبشر
من بطن الحقد
ويظلّ الموتُ ذكرى
ترويها سنين العمر
سيرة للغد..

سيمفونية التعذيب

1.  هبطت أشباح الليل...
يرافقها هوس من ضجيج ثائر...
دهمتني بذعرٍ؛ فأحالت بيني وبين النوم...
ألفيتني من شدّة الرهبة منكمشاً بين ثنايا الفراش، بينما دقات قلبي تعلو وتعلو... قبعت بركنٍ من أركان الغرفة؛ متلمساً مشاعر الصون والأمان، حتى تهادت الطمأنينة إلى نفسي؛ لتعيدني إلى مضجعي في محاولة جديدة للنوم...
حاولت مرة أخرى...
لكن هيهات... أي نوم يستغرقني وهذا الشبح يطاردني كلما أغمضت عينيّ؟ يظهر لي أثناء سقوطه من مكانٍ مرتفعٍ، يستغيث بي، لعلّي أنتشله وأنقذه من سقطته... فتسري القشعريرة في جسدي سريان الكهرباء... أحاول اللحاق به... فلا أجد غير الفراغ الرهيب... وبقايا صوت صارخ في رأسي... فأنهض فزعاً...
وأظل على جلستي حتى يغلب النوم جفنيّ، ويسرقني من نفسي، ولا تكاد الغفوة أن تأخذني إلى عالمها حتى أراه من جديد؛ الشبح نفسه يحاول أن يتشبث بخيوط أوهي من خيوط العنكبوت، كيلا يسقط فريسة لكلابٍ شرهةٍ تنتظر سقطته بنهمٍ...
أنهض من النوم فزعاً...
وفي كل مرة لا أحصد غير السؤال:
- ما سرّ هذا الشبح؟ ولماذا يلاحقني؟
ولكن عبثاً محاولاتي، وصفراً يديّ، إلاّ من شرود ذهني وتردي حالي...
كرهت بقائي بالغرفة... كرهت حتى نفسي... فقررت ألا أبقى...
خرجت إلى الشارع والأفكار تلاحقني، تنسج خيوطها حول رقبتي لتخنقني، ولا أستطيع الفكاك من أسرها... كنت أسير بخطواتٍ شاردةٍ، لا أشعر بنبض الزمن من حولي، و لا أرى غير هذا الشبح الذي يلازمني كظلي... حتى صرت أرى الناس أشباحاً تضجّ في رأسي...
ظللت على سيري ربما لساعات طوال... لم أهتدِ لشئ يصرف عني هواجسي، فازددت ألماً وكآبةً... كدت أختنق حقاً...
لولا أن قلبي يحدّثني بأن في الأمر شيئاً...
ثم سيطرت علىَّ خاطرة مجنونة، داعاها العجز إلى رأسي، فلم أمنح نفسى فرصة التفكير العاقل، وشرعت في تنفيذ الخاطرة...
دخلت قسم الشرطة، وقفت أمام المسؤول صامتاً، أرميه بنظرات مستغيثة، ورحت أبثّ في أذنيه كل سمومي ومخاوفي...
تنبهت على صوتهِ مقهقهاً، كانت ضحكاته زلزالاً يحرك الأرض تحت قدميّ... رحت أمسح حبات الخجل المختلطة بقطرات الغيظِ عن جبيني... وهرعت تواً إلى خارج القسم...
حاولت نسيان الأمر برمتهِ...
وسرت أغني...
صَرَخَتْ في أذنيّ فرملةُُ سيارة مفاجئةُ... التفت إلى مصدر الصوتِ بحركةٍ تلقائيةٍ...
كان ثلاثة رجال ثيران يهبطون من مؤخرة سيارة شرطة، يقبلون نحوي جرياً كصاعقة من السماء... خفت... جريت... لم أرَ شيئاً أثناء الجري... كأنما أُهبط على رأسي ظلام كثيف... تعثرت في شخصٍ أمامي... لم أره بوضوحٍ... فسقط كلانا على الأرضِ... لملمت نفسي وأسرعت بالنهوض... كنت أمدّ يدي إليه لإنهاضهِ معي... فاخترق أذني صوت جهوري:
- أتركه يا...
انتصبت كتمثالٍ لا يعي ما يحدث حوله...
أمسكوا به، صفّدوا يديه بالأغلال الحديدية، وانهالوا عليه ضرباً بالأحذية والأقدام... بينما الرجل يصرخ من شدّة الضربات...
- برئ!.. برئ!...
جرجروه من قدميهِ... كنت أشاهد الموقف منوماً... مشدوهاً...
عندما مدّ لي الرجل يده مستغيثاً بي، كانت صورته تتضخم في عينيّّ... وتوقف عن العبث برأسي... نظرت إلى السماء... كانت الشمس تميل إلى الغروبِ...
قررت أن أنقذه، صرخت من فرط وجعي:
- أتركوه يا ظَلَمة!...
هَبَطَ أحدهم... أقبل نحوي بنظراتٍ من نبعِ جهنمي...
ولم أشعر بعد ذلك بنفسي... كل ش كان يمرّ في رأسي كشريطِ الذكريات...
- تمت

السبت، 27 أغسطس 2011

الفوضى الخلاَّقة ( دعوة صهيونية لتدمير الشرق )


كتب أراجون ذات مرة يقول : ( أيها العالم الغربي، أنت محكوم عليك بالموت، وليستجب الشرق عدوك المحيق إلى صرختنا؛ سوف نبذر بذور الفوضى في كلّ مكان ) .لقد تنبه ذلك الشاعر المتمرد إلى حقيقة هامة؛ مغزاها تأجج لهيب الصراع بين الفكر الروحي، متمثلاً في الشرق الذي تأثر به وفاضت به إبداعاته، والفكر المادي الذي ظهر بقوة في أوروبا، وبلغ ذروته في نهاية القرن التاسع عشر، عندما دعى غالبية المفكرين والعلماء إلى رفض تصور فكرة الخالق ما خلا المادة وخصائصها. وظهور بعض النظريات التي تروج لأفكار داعمة لهذا الاتجاه؛ كنظرية حدوث الكون بدون خالق ( سبنسر ) ونظرية ارتقاء الكائنات ( داروين ) و نظريات كالوجودية والشيوعية والعلمانية ... وغير ذلك من النظريات والأفكار المستحدثة التي أدت إلى شيوع التجريبية تمهيداً لإلغاء العقل الفطري السليم المحمّل بأفكارٍ روحية... كانت هذه العبارة المذكورة التي أطلقها أراجون، قبل نشوب الحرب العالمية الثانية؛ بمثابة خلاصة استطاع أن يلخص بها حقيقة الصراع القديم... المستعر... المنتظر... الصراع الدائر بين العقل واللاعقل... الذي ينتج عنه إثارة فوضى غير منظمة؛ تمهيداً لإحداث ثورة غاضبة ضد فكرة العقل المنظم المتأمل، أو بالأحرى إثارة الجنون في عقل الشرق، ألدّ أعداء الغرب؛ حتى يُفقدوه حكمته التي تقوده إلى طريق الانتصار، فإذا ما فقد الشرق حكمته صار الجنون بديلاً، وصارت الفوضى وعدم التدبر سمتين ظاهرتين تقودان إلى الهلاك والدمار.وحيث إن لفظة ( عقل ) الواردة بمعنى " التثبت من الأمور " إنّما عُنِىَ بها العرب في بادئ الأمر، باعتبارهم أول مَنْ تلقى رسالة الإسلام بلسانٍ عربي، وتأسيساً على أنهم مَنْ أنيط بهم عبء حَمل الرسالة وتبليغها في شتّى أنحاء الأرض.ولأن الفوضى هي نقيض النظام؛ إذ حيث لا تُعقل الأمور، وتضطرب الأشياء لتصبح في غير موضعها المُدرك .. تكون الفوضى... وهو ما يتعارض مع طبيعة الفكر الإسلامي... فالإسلام رسالة عقلانية في المقام الأول، تدعو أولي الألباب إلى التفكير بغاية استخلاص الحقائق.وقد ادرك الغرب هذه الحقيقة، وأيقنوا أهمية العقل وخطورة الدور الي يؤديه في الحفاظ على رسالة الإسلام، والإبقاء على توازن العالم الإسلامي، الأمر الذي جعلهم يسعون إلى استلابه ومحاربته بشتّى السُبُل، فوضعوا المخططات، وأخذوا يبثوا سمومهم بنشر الفكر المادي... ونشر المخدرات بكل أشكالها: فكرية، مادية، جنسية... ألخ... مستهدفين بذلك القضاء على العقل الواعي ؛ الذي يؤدي فساده إلى انهيار سائر الجسد، وانعدام مقاومته لكافة التيارات الساعية لتدميره.تعتبر قضية العقل والاهتمام بها قضية قديمة، ومواكبة لنشأة الإنسان؛ إذ أن عملية التفكير قد اقترنت بوجود الإنسان، لكي يتمكن من المقارنة والاختيار. فالحياة عبارة عن مجموعة من الظواهر المتفقة أحياناً، والمختلفة أحياناً أخرى. ويبرز دور العقل في المقارنة بين هذه الأشياء لمعرفة الحقائق، والتاريخ حافل بالسير والأخبار التي تبرز لنا أهمية العقل في حياة الناس. وتعتبر قصة إبراهيم { عليه السلام } من اعظم ما سيق لنا في هذا الشأن، عندما أعمل عقله في مسألة عبادة الأوثان، فوجد أن الأمر لا يعدو كونه تقليداً أعمى، فحطم آلهتهم إلا كبيراً لهم .... { .. قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (59) قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ(60) قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (61) قَالُوا ءَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ (63) فرجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ (64) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاء يَنطِقُونَ (65) قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ مَا لا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلا يَضُرُّكُمْ (66) أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ } سورة الأنبياء . واستخدام إبراهيم للفعل " تعقلون " مسبوقاً بالاستفهام الاستنكاري يُراد به الرفض المطلق لعبادة الأوثان، واستنكار لعدم استعمال العقل في عملية التفكير والمقارنة بهدف إدراك الحق من الباطل. وأحداث التاريخ مدونة، يستطيع كل إنسان الرجوع إليها لاستخلاص ما تنطوي عليه من دروس؛ لأن استخلاص التجارب من عمل العقل، وكذلك فهم المراد منها، يستطيع كل ذي عقل أن يحدد لنفسه موقفاً من خلال تلك التجارب. ونحن في أشد الحاجة إلى أن ندرس الوضع العالمي الراهن بعناية وحكمة، وأن نضع نصب أعيننا مصادر التكوين الفكري للغرب، تلك التي يتخذونها ذريعة حقيقية – بخلاف الظاهر – ليؤسسوا عليها مخططاتهم السياسية والاقتصادية والعسكرية، ويسعون إلى تحقيقها من خلال فرض القوة والهيمنة لتدمير الآخر ... يستطيع الدارس المتأمل أن يدرك حقيقة أن الغرب يعتمد في وضع مخططاته على مصادره الدينية، لا تمسكاً بالدين كما يبدو في الظاهر، وإنما اتخاذه وسيلة وحجة تبرر مساعيه، خاصة المصادر الدينية التي تطرح رؤى مغايرة لرؤيتنا... ولكي يتيسر لنا فهم ما يدور حولنا من احداثٍ يتعمدون صنعها، ينبغي علينا الرجوع إلى هذه المصادر والنبش في أغوارها...وللتدليل على ذلك، نورد بعضاً من نصوص العهد القديم، التي كان لها تأثير شديد في توجيه العقل السياسي الصهيوني ... { ... فيخرج الرب ويحارب تلك الأمم في يوم حرية يوم القتال، وتقف قدماه في ذلك اليوم على جبل الزيتون الذي قدام أوشليم من الشرق فينبثق جبل الزيتون، وهذه تكون الضربة التي يضرب بها الرب كل الشعوب الذين تجندوا على أورشليم لحمهم يذوب وهم واقفون على أقدامهم وعيونهم تذوب في أوقابها ولسانهم يذوب في فمهم } (زكريا – الإصحاح الثاني عشر) . وفي موضع آخر .. { ... افتح أبوابك يا لبنان فتأكل النار أرزك } ( زكريا – الإصحاح الثاني عشر ) . وغيرها من النصوص الكثيرة التي تبرز حقيقة الفكر الصهيوني وتوجهاته .فإذا ما اجتهدنا في إعمال العقل، سندرك أن إسرائيل لا تسعى إلى ســلام ، ولا تنوي ذلك ، إنما هي مسألة وقت، ولا يعنيها سوى استثارة الشعوب بأسرها، وإثارة الفوضى؛ ونسج الجنون حولها، حتى تفقدها توازنها، تمهيداً لتحقيق الحلم الذي يعيشونه في يقظتهم ومنامهم، ذلك الذي تحول إلى عقيدة بديلة في أعماقهم، لا تزحزحها كافة المساعي... لأنهم حريصون على جذب العالم إلى ما يؤمنون به من ضرورة حصار أورشليم تمهيداً للنهاية الحتمية؛ نزول المخلّص للقضاء على كافة شعوب الأرض – باستثناء جنود الصهيونية – فيعم السلام بعد ذلك !...لا مفــــــــــر إذن من فكر المقاومة...لا مفـــــــــر من الحرب ...فهم على وعي بما يفعلونه. ونحن لا نتصور ذلك. يعلمون ما يريدون. ولا ندرك سوى ما نراه ملموساً أمام أعيننا.. وهذا سبب معاناتنا...والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو : لماذا ننصت إلى ما يُقال من كلام عبر وسائل الإعلام ولا نهتم بمجريات الأمور ؟ ... لماذا نأخذ ظواهر الأشياء ولا نتوغل إلى مضامينها ؟!...فلو أدركنا أن لكل عقل وسيلتين يعبر بهما عن مضمونه ومحتواه, وهما : الكلام والسلوك؛ نستطيع بعد ذلك أن نقيم علاقة واضحة بين ما يحدث فعلاً وما يٌقال؛ لأن إعمال العقل يثير النفس البشرية ويدفعها إلى التأمل الدقيق، ثم إلى بلوغ الحقائق التي تعد غاية المعرفة .والعقل مقود بحدود معينة، لا يجب أن يتخطاها إلى ما هو أبعد، وإلا عجز عن التوصل إلى معرفة؛ لأن المعارف لها أسبابها، فإذا ما انتفت تلك الأسباب لانعدمت إمكانية المعرفة ذاتها؛ إذ كيف يدرك من لا وجود له؟ فلن يتمكن العقل من تكوين معرفة لعدم وجود معلومات تعقد المقارنة بناء عليها، فيحدث الاختلال في عملية التفكير.. ومن هنا تحدث الفوضى التي تعد من أخطر المؤثرات على العقل المنظم السليم. والبيئة التي ينشأ الإنسان في ظلالها كذلك؛ تعتبر المؤثر الأول على تكوين العقل، فبحسب الثقافات والعادات والمعتقدات يتهيأ العقل وتتشكل مفرداته. ومن مجمل هذه المكتسبات تتكون الشعوب، بدءاً من المجتمع الصغير " الأسرة " وانتهاء بأكبر المجتمعات شمولية " العالم " . ويظل التأثير الأقوى رهن أول مجتمع نشا الفرد فيه؛ حيث يتلقى أول معلومات في حياته ليتهيأ عقلياً ونفسياً وعقائدياً... فإذا ما صارت تلك المكتسبات راسخة، فلا يمكن التحول عنها إلى غيرها، إلا بإعمال العقل في عملية المقارنة بين شتّى المؤثرات وصولاً للحقيقة الخالصة. من هنا يصبح العقل وليد أيدلوجية معينة تتولى تشكيله وتجهيزه بما يتلاءم مع محتواها؛ لكي ينمو وفقاً لها ويعمل على خدمتها.ولأن كل أيدلوجية تسعى إلى فرض هيمنتها على غيرها، فإن الاختلافات تصير حتمية، وتتولد الصراعات بالتبعية لها، فيؤدي ذلك إلى خلق أجواء من التوتر التي تقود إلى اختلال توازن العقل ... فيفقد حكمته... ويستتبع ذلك الشتات عن الهدف، والسعي وراء حياة زائلة قوامها اللهو والعبث والترف، متجاهلين بذلك الحكمة الحقيقية من الوجود، والتي تتطلب منا إعمالاً دائباً للعقل من أجل السيطرة على النفس ونوازعها.ونحن إذا أردنا أن نعود إلى صوابنا، فلابدّ من الرجوع أولاً إلى مصادرنا الدينية التي أشارت إلى خطورة الوضع الراهن، حتى نتمكن من وضع خطة سليمة لمواجهة الأحداث المقبلة، تلك التي تحمل كثيراً من المخاطر والأهوال المنتظرة، فإذا لم نعد أنفسنا إليها عقلياً ونفسياً وأيدلوجياً .. فسننجرف حتماً... وننقاد إلى أيدلوجية مغايرة تأخذنا في طوفانها... في طريق القضاء على هويتنا.. وما تبقى فينا من رفات عقلٍ اختل توازنه وشتّ عن هدفه.لابدّ إذن من أن نجد لأنفسنا أيدلوجية خاصة بنا، بحيث تحمل في جوهرها كافة المضامين والمعاني والقيم المستمدة من عقيدتنا، وأهمها : التوحد المطلق في القول والعمل.. وما من سبيل غير ذلك للوصول إلى مرفأ آمن في خضم طوفان جارف.

الأحد، 14 أغسطس 2011

حرب الفكر

دعوة إلى إنشاء قناة فضائية للكُتّاب العرب
 الكتّاب العرب لا ينقصهم الكوادر المؤهلة لإدارة وتشغيل قناة تلفزيونية لإعلان الحرب على الفكر الهدّام.
ميدل ايست اونلاين
إن عَظَمة الأمم لا تتحقق بالدموع، والانتصارات لا تتحقق بالشعارات الفارغة، وإنّما علينا أن نكف عن العويل والبكاء، علينا أن نفكّر وأن نعمل حتى نتمكن من الخروج من حالة الركود والشجب إلى حالة الحركة. ومن حالة اللافعل إلى حالة الفعل، حتى نستطيع مواجهة عدونا بالقوةِ التي يسعى عدونا إلى دغدتها داخلنا.
لابدّ قبل الخَوض في التفاصيل أن نقـف أمام أنفسنا وقفة حساب للنفسِ، أن نُقِرّ بحقيقةٍ هامةٍ، تلك الحقيقة التي نسعى إلى الهروبِ من مواجهتها منذ عشراتِ السنين، لأنها ببساطة سوف تعرّينا أمام التاريخ. وتفضحنا أمام الأجيال القادمة ... لكنّهاللأسف – حقيقة لابدّ من مواجهتها أولاً حتّى نتمكن من الانتقال إلى الخطوة التالية في طريق الإصلاح.
هذا إذا ما كنّا حريصين على الانتقال خطوة في طريق مواجهة عدوّ بات جُلّ همّه أن يقضي على ما بَقي فينا من رمَقٍ أخيرٍ للحياةِ.
لابدّ من أن نقف أمام مرآة أنفسنا ونعترف بتخاذلنا. وبأننا نقتل الضمير الحيّ في أنفسنا مع إشراقة شمس كل يومٍ جديدٍ.
لابدّ من أن نعترف أننا في عدادِ الأمواتِ على قيدِ الحياة. لكنّها حياة مغموسة في مرارة الذلّ والضعف والمهانة.
ولا أطلب ذلك من أجلِنا نحن؛ لأننا انتهينا فعلاً. ولكن أطلب ذلك من أجلِ أبنائنا ... من أجلِ مستقبلٍ أفضل لَهم.
أيُُ مُسْتقبل ذلك الذي ينتظر هؤلاء الأبرياء؟
إنّ الاعتراف بمثل هذه الحقيقة يعني ميلاد الأمل في التخلص من حالة الضعف والاستسلام إلى حالة المواجهة. أو حتّى تحسين صورتنا أمام الأجيال المٌقبلة كيلا تظل قاتمةً إلى الأبدِ.
ولا يحدوني الشكّ في أن المفكرين والأدباء والكتّاب يضطلعون بدورٍ كبيرٍ في سبيل استخلاص أسباب الخطر التي تُحـاصرنا في كـلِّ لحــظةٍ، والسعي إلى تصحيح الأوضاعِ.
لكننا في زمنٍ عجيبٍ، للأسف، لأنّه زمن لا تَصِل فيه الكلماتُ إلى القلوبِ باستعمال الوسيط الطبيعي والمألوف، ألاَ وهو الكِتاب، وإنّما لابدّ من استعمال الأبواقِ العالية التي تَأسر الأذنِ قبل القلوب. وربّمـا أثَّرت على الآذان فاستولتِ على القلوبِ دون النّظر إلى جَودتها أو القيمة الكامنة داخلها. ذلك هو واقعنا المخزي.
وطالما أن الأمر قد باتَ كذلك،. فلنطلب الرّحمة للأمواتِ أحياءً، إذْ كُلُُّ يُغَنِّي على لَيلاه! حيث حَلّ بنا الشتات محلّ التماسك. وصارتِ روح الفردية والأنانية هي الأساس. كُلُّ يَسْعَى إلى تَحقيقِ المكاسِب الفَرديةِ ولو أدى الأمر إلى التضحيةِ بالجماعةِ. تلك هي مُصِيتنا! لا سِيّما أولي الأمرِ فيِنا؛ مَنْ يُنَاط بِهم إدَارة شئون جَماعةً ما في زمنٍ ما في مكانٍ ما.
هؤلاء الّذين يُشْبِهون قادة الطّائراتِ العالقة في السَّماء. أو السُّفنِ المَـواخِر في أعالي البِحار. هؤلاء الذين لا يجب أن تَختلِف مصائرهم عن مصَائرِ مَنْ يَحملونَ معهم. لكنّهم في غيبةٍ عن إدراك تلك الحقيقة، أو بالأحرى فإنهم مُغيبون بإرادتهم.
لهذا أصبحنا نسير عكس اتجاه الفطرة البشرية التي تفضي إلى أن الإنسان كائن اجتماعي بطبعهِ. حيث صارَ كُلّ منَا يلهثُ خلف كّل ما يمكن أن يُطال. تاركاً وراء ظهره القضية الرئيسية في الحياة. ألا وهي قضية تواصل الأجيال.
وقد ساعدت على ذلك سواعد أعدائنا الممتدة إلينا بكلِّ قوتها تُدغدغ فينا تماسكنا، وتجذبنا بعيداً عن الهدف كي نَضِلُّ، مُستخدمين في حربهم ضدنا أخطر سِلاح على وجه التاريخ (الإعلام). فالإعلام بكلِّ أشكاله يُعدّ فتنة هذا الزمان، وأخطر وسيلة مستخدمة ضدنا للقضاء علي هويتنا، لأنه ببساطة قد صَار جُعبةً تحوي داخلها كُلّ أشكال التأثير الأخرى. وحتّى ما نملكه منه قد نجح أعداؤنا في استعماله ضدنا. والتدليل على ذلك لا يحتاج سوى أن يفتح أي منّا صنبور القنوات الفضائية السائلة على رؤوسنا حتى يُدرك حقيقة الخطر الذي يتهدد أبناءنا في المستقبل.
لقد أدرك أعداؤنا خطورة العقل البشري في تحقيق رسالة الحياة. وكذلك خطورة رسالة الإسلام المبنية على أساسٍ متينٍ يتخذ من العقل سبيلاً له لاختراق المعاني وصولاً للعقيدة الإلهية الراسخة.
ولأنّ أعداءنا قد ضلوا الطريق منذ زمنٍ بعيدٍ. وحادوا عن العقل الصحيح فقد امتلأت قلوبهم رعباً من أن تتسيّد العقيدة الإسلامية بقوتها على مخاطبة العقول، وقُدرتها على الإقناع لمن يريد أن يعي. فأخذوا يُسَلّطون علينا شياطينهم التي تُطِلّ علينا كُلّ يومٍ من صِنبورِ الإعلام الهابط؛ لإلغاء ذلك العقل الواعي فينا، واستبداله برأسٍ خاوٍ، لا يَعدو كونه (بالوناً) منتفخاً على فراغٍ. ولكم أن تتصوروا أُمّة يستبدل أجيالها المقبلة عقوهم بـ (البالونات) الفارغة. تلك أُمّة مصيرها الزوال لا ريب في ذلك.
وساعد أعداءنا على ذلك أصحاب المصالح الفردية منّا. وما أقلهم رغم قوتهم وقُدرتهم على التأثير.
لكلِّ ذلك ضعف دور العقل. وشَرع المستفيدون منّا يُحاربون ذلك العقل الواعي بكلِّ ما لديهم من قوةِ جَهلٍ. حتّى صَارَ هؤلاء أخطر علينا من أعدائنا الذين نجحوا في غرسهم بيننا ليكونوا جنودهم الأبرار. أو شياطينهم من الإنسِ بيننا. فينشروا فينا الفساد. ويقتلوا كُلّ ذي عقلٍ لبيبٍ.
هكذا صرنا إلى الهاوية. وضَعَف دور المفكرين في التأثيرِ على العقول. ولِمّ لا وقد عَمّ الجهلُ وانتشرتِ بيننا عمليات التسطيح المُتَعمّدة؟ حتّى صَارتِ الراقصاتِ قُدوة يَسْعَى أبناؤنا إلى الاقتداء بهن في كُلِّ شئونِ حياتهم.
وما أراه كخطوةٍ أولى لمحاولة الشفاء من حالة الشلل التي أصابتِ مفكرينا؛ ومن منطلق مسئوليتنا تجاه عقيدتنا وأنفسنا وأبنائنا ومجتمعاتنا؛ هو أن نُعلن الحرب.
نعم لابدّ من أن نعلن حرباً قويّة. حَرب الفكر بالفكر. أعني أن نواجه الأفكار السلبية المدمرة الوارد إلينا بحربِ الفكر الإيجابي الهجومي التصحيحي. لا يجب أن نتنظر حتى يهبط البلاء على رؤوسنا كالصّواعق، بل نٌقبِل على توفير سُبُل الحماية والهجوم قبل وقوع الكارثة. هذا من ناحيةٍ. ومن ناحية أخـرى، أن نُحارب أعداءنا بمثل ما يُحاربوننا به. أن نكشف مساعيهم. ونفضح مخططاهم التدميرية على الملأ.
ولا أجد وسيلة أقوى لتحقيق ذلك من الإعلام. إنّه السِّـلاح نفسـه. صِنبور القنوات الفضائية المفتوحة. والدعاية إليها بكلِّ طرق الجذب الممكنة والمتاحة.
ولأننا من المبتلين بمهنة الفكر فإننا الأولى بذلك. ولأننا نحمل شُعلة الثقافة في أوطاننا فقد صِرنا مُكلفين بذلك أمام المولى. والتاريخ شاهد علينا.
من هذا المنطلق فإنِّي أناشد كُل صاجب فكر أو أدب أو قلم متمثلاً في الأستاذ محمد سلماوي بصفته الأمين العام لاتحاد الكُتّاب العرب أن يبدأ خطوته الأولى. أن يُطلق رصاصة البداية بعقد مؤتمر للأدباء العرب بالقاهرة يكون عنوانه "حـرب الفكـر" وموضوعه إنشاء أول قناة فضائية تحمل اسم الكُتّاب العرب، قناة فضـائية متخصصة، كخطوة أولى تُصبح وسيلة المفكرين العرب المباشرة للمواجهة - ولا أظنّ أن الكتّاب العرب ينقصهم الكوادرٍ المؤهلة لإدارة وتشغيل مثل هذه القناة - لإعلان الحرب على العدو اللعين. إعلان الحرب على الفكر الهدّام بالفكر البـنّاء. ولا أقول فكر المقاومة ولكن أقول فــكر الهجوم.
فالأجدر بنا أن نكشف ألاعيب أعدائنا البهلوانية، أن نَنشر الوعي بين أبناء الدول الأخرى بحقيقةِ ما يجري.
تلك حَمْلَةُُ أبدأها داعياً أن ينضمّ إليّ فيها من الكُتّابِ العرب كُلّ مَنْ يجدُ فيها بُرَّة أملٍ، هذا أفضل من أن نقف مكتوفي الأيدي مكتفين بالشجبِ والدفاع العقيم عن أفكارٍ ومعتقدات هي في غِنىَ عن دفاعنا لأنها أقوى من أعظم أسلحة الدمار الشامل.
أفكار ستظلّ باقية إلى نهاية الزمان.